يذهب نائب… يأتي نائب… ليست هذه القضية! – النشرة المسائية ليوم الاربعاء 28 آب 2024 في مثل هذه الايام من عام 1991، أي قبل 33 عاماً، وبعملية أمنية معقدة بمشاركة فرنسية، كان العماد ميشال عون ينتقل من مقر السفارة الفرنسية في الحازمية، حيث أمضى أحد عشر شهراً بعد عملية 13 تشرين الاول 1990، إلى إحدى النُّقاط الساحلية، ثم الى المنفى الفرنسي، بعد طول ممانعة من السلطة التي كانت قائمة آنذاك، وبعدما ربط الرئيس فرنسوا ميتران حلَّ قضية احتجازه بشرف فرنسا.
لم تكد قدما الجنرال المنفي تطآن الارض الفرنسية، لتبدأ رحلةُ الابعاد التي دامت خمسة عشر عاماً، حتى انقضّت أصوات السياسيين المستفيدين من الأمر الواقع أو الراضخين له، ومعها الابواق الاعلامية الموالية، لتبدأ الترويجَ لمقولة شهيرة: عونيون من دون عون، التي كانت تهدف عملياً إلى بعثرة الحالة الشعبية المؤيدة لطروحات العماد عون، واستقطاب هذا او ذاك من المنخرطين فيها، الى منصب من هنا او اغراء من هناك، في موازاة الاضطهاد المستمر للأنصار والمؤيدين.
بطبيعة الحال، سقط البعض في التجرُبة، وانغش كثيرون بالوعود البراقة او خدعوا، فنقلوا البنادق من كتف الى كتف بسرعة البرق، قبل صياح ديك الحقيقة، الذي أبكى بعضهم لاحقاً بكاء مراً. أما الحالة العونية، فبقيت وتمتّنت، وتجذرت، وأثمرت عام 2005 تحرراً من قيود الوصاية، ليعود المنفي وحيداً قائداً فاز بتمثيل وطني عارم، وبتكتل نيابي صار محور الحياة السياسية بعد طول ركود، وليفضي نضالُه السياسي على مدى أحد عشر عاماً بعدها، عودتَه الى قصر بعبدا رئيساً للجمهورية، وحاملاً لمشروع كبير، أُحبِط عام 1990 في القصر الذي دمرته قذائف الاحتلال ودنسته اقدام الميليشيات، ليعود ويزهر من تحت الركام السياسي في 31 تشرين الاول 2016.
اما في 17 تشرين الاول 2019، فكان الانقضاض الكبير على الحلم الأكبر، بتواطؤ من دول ودويلات وميليشيات مدنية وإعلامية. فكان التزوير السياسي، والاغتيال المعنوي، والانهيار الباقي والتداعيات الاقتصادية والمالية المستمرة. ومعادلة عونيون بلا عون التي كانت مطروحة في التسعنينيات، صارت هذه المرة لا عونيون ولا عون، فكان ما كان من تنمر شخصي، وشتائم، وانقلابات سياسية، واجهها كثيرون، لكن تفرج عليها ايضاً كثيرون، منتظرين الجثة عند ضفة النهر. اما النتيجة، فعونيون يعاندون، وعون في الرئاسة حتى نهاية الولاية، ومسيرة مستمرة دفاعاً عن الاهداف نفسها، من بعبدا الى المنفى فالرابية فبعبدا فالرابية من جديد. اما المتفرجون والمنتظرون، فكشروا عن وقاحتهم، وانجلى مشروعهم، وبقي التيار.
اما اليوم، وبعد التطورات الاخيرة، فوثبة جديدة، تستفيد من تجارب الماضي، وتأخذ العبر، وتنطلق مرة أخرى في سبيل القضية الثابتة التي لم تتغير:
فبلا التيار، اين يكون التضامن الوطني في مواجهة اسرائيل؟ ومن يأخذ الموقف الواضح والصريح من رفض ربط لبنان بحرب غزة، وبالتمسك بالحرية والسيادة والاستقلال، لا كشعار، بل كمبدأ مؤسس للوطن.
وبلا التيار، من يرفع الصوت في مواجهة النزوح السوري، بعد اللجوء الفلسطيني، ومن يشكل سداً منيعاً بالسياسة امام كل اشكال الدمج او التوطين؟
وبلا التيار، من يتشدد في تمسكه بالشراكة الوطنية والمناصفة التامة وبالميثاق الوطني، في مواجهة الطامعين والمتخاذلين، واصحاب السوابق في التنازل من الصلاحيات الرئاسية عام 1989، الى قانون اللقاء الارثوذكسي النيابي عام 2013، مروراً بالتحالف الرباعي المقيت عام 2005، الذي يبشر البعض بعودته اليوم، ويراهن عليه البعض الآخر.
ولولا التيار، من يلاحق ما تبقى من تفاصيل التدقيق الجنائي، وما نتج عنه وعن سائر فضائح الفساد من ملفات قضائية في لبنان والخارج، ومن يسقط مبدأ الافلات من العقاب للمرتكبين.
ولولا التيار، تذهب هباء كل شهادات الشهداء، من ضباط وعسكريين ومدنيين، وتتلاشى هدراً كل تضحيات المناضلين الحقيقيين، لا محتكري النضال الوهميين المعروفين.
يذهب نائب يأتي نائب، ليست هذه القضية.
فلبنان وباق والتيار باق، والمستقبل أفضل، والآتي قريب. #OTVLebanon #OTVNews
Categories