https://www.youtube.com/watch?v=OZKNnx8sD7M
بسرعة البرق، إن لم يكن أسرع، سيبدأ انقلابُ المواقف.
فكما كان في شأن الوصاية، هكذا سيكون في شأن النزوح.
فعلى مدى سنوات من حُكم غازي كنعان ورستم غزالة، ثمة من تعامل أو استفاد، وهناك من غضَّ النظر أو استسلم. أما حين دقت ساعةُ الحقيقة، وحصل التحول الدولي الذي كان منشوداً، فحتى أعتى مضطهدي المناضلين في سبيل التحرير، صاروا متشددين في قضية الحرية ومسألة السيادة وعنوان الاستقلال. وبشحطة قلم، محا هؤلاء تاريخَهم الأسود، وحولوا المناضلين إلى عملاء، واضطهدوهُم من جديد.
أما منذ الخامس عشر من آذار 2011، يوم اندلعت شرارة الحرب السورية، وتزامناً مع تَدفُق مئات آلاف النازحين إلى بلادنا، فاستَبدل هؤلاء شعار "الشعب الواحد في دولتين"، و"الضروري والشرعي والموقت"، بشعارات مناصرة ما اعتبروه "ثورةً سورية ومعارضة"، وأشاحوا النظر عن واقع التطرف والإرهاب وخَطْف المطارنة والراهبات والمواطنين اللبنانيين والسوريين، ثم جنود الجيش اللبناني والقوى الأمنية الأبطال… هذا إذا لم نَغُصْ في تفاصيل التفجيرات المتنقلة، واستباحة السيادة في الجرود، قبل أن يُتخذ القرار على عهد الرئيس العماد ميشال عون بتنفيذ عملية فجر الجرود.
وكما اضطَهد هؤلاء المناضلين في سبيل التحرير في السابق، استهدَفوا المحذِرين من غياب الضوابط في ملف النزوح على مدى سبع سنوات: خوّنوهم واتهموهم بالعنصرية ووسموهم بوشم تأييد الإجرام والدكتاتورية والأنظمة البائدة، وفق تعابيرهم، رافضين أي تواصل معها ولو تحت قِبَّة الأمم المتحدة، ولمصلحة لبنان.
وغاب عن بال هؤلاء الحِمل الكبير على الديموغرافيا، وسقط سهوا من حساباتهم إرهاقُ الاقتصاد والكهرباء والماء وسوق العمل والمدارس…
كل ذلك حدث.. وحدثَ منذ وقت قصير، سِجِلُّه في الذاكرة لم يُمح بعد.
فحتى لو صار الجميع اليوم مناضلاً في سبيل عودة النازحين، ومناصراً لرئيس الجمهورية ووزير الخارجية، اللذين بُحَّ صوتُهما في المحافل ومن على المنابر وفي الكواليس، في الدعوة إلى عودة آمنة متدرجة منذ اليوم الأول للأزمة، فاللبنانيون يَذكرون. يذكرون العملاء الذين أضحوا أبطال استقلال بين ليلة وضحاها عام 2005، ويُدركون أن ثمة من يُعد العُدة اليوم لتكرار الفعلة، بعد هبوب رياح التغيير الدولي في ملف النزوح.
هكذا على الأقل تبدو الاجواء عشية وصولِ وفدٍ روسي رفيع للبحث في الترجمة اللبنانية للمُقترَح الروسي.
أما في ملف الحكومة، فهبَةٌ باردة أمس، وهبة ساخنة اليوم، فيما الحقيقة تنتظر تطبيقَ مبدأ العدالة إياه بفرعيه: وحدة المعايير، واحترام الأحجام.
Categories