Categories
Videos

ليال وأطفالها الثلاثة ضحايا ذكورية قوانين الأحوال الشخصيّة



لا شيء أصعب منّ أن تكوني امرأة في مجتمع شرقي، مهما كان مثقّفا ومطّلعا، فهو لا يزال حتى يومنا هذا ذكوريّا" بامتياز في ظلّ قوانين مجحفة بحق النساء.. مجتمع يفرض عليك أن تكوني خلف ظلّ رجل، تابعة له، تحت أيّ ذريعة، إما خوف أو عادات وتقاليد أو واجبات ماديّة… مجتمع لا يزال غير قادر أن يرى الأنثى كيانا مستقلا لوحدها، ويحتم عليها أن يرتبط اسمها بأب أو زوج أو أخ.
في مجتمعنا، عندما تكبر البنت وتصبح في عمر الزواج، لا يزالون حتى اليوم، يصرون عليها أنه يجب أن تتزوّج كأنّه فرض واجب عليها "كي تنستر" على حد قولهم. وفي حال تزوّجت وفشل زواجها، تبقى تتحمّل عواقب سوء اختيارها، خوفاً من أن يشمَت فيها الأهل والأقارب والناس، وتضطَّر لتمثيل دور بطولة السَّعادة أمام المجتمع فيما تموت يوميا مئات المرات! وإذا تزوَّجت شخصا اختاره أهلها وأخفقوا بتوقُّعاتهم وشكته عندهم، نصحوها أن تصبر، وأوهموها أنه سيتغيَّرُ مع الأيّام، وذكَّروها بأجر الصَّبر، وشماتة الأعداء والعائلة والجيران.
أما في حال طُلِّقَت، فينهالَ عليها سيل من اللَّوم والاتهامات بالتَّقصير، وأنه كان يفترض عليها كامرأة أن تحتوي زوجها، وتغيّر عاداته السَّيئة.. فتكون بذلك قد خرجت من أَسر الزَّوج الى قيد مجتمع بكامله.
وإذا طفح كيل طاقتها وطلبت هي الطلاق، تضطَّر لتقديم تنازلات عن حقوقها أو أطفالها لأنها غير قادرة على اعالتهم، هذا من دون أن ننسى محاولة تشويه صورتها من قبل شريكها السّابق، ونشر الروايات والأكاذيب عنها، وتتبُّعِ خطواتها بحثاً عن أي زلَّة يستطيع أن يلتقطها لإخراج نفسه من دائرةِ الاتهام.
أمّا مسألة الحضانة فتشكّل أكثر المسائل ظلما من الأحوال الشخصيّة والاجتماعيّة عموماً في لبنان. والجميع يعلم أنه عندما يتم الطلاق، تخضع الحضانة ضمن طوائف لبنان الدّينيّة الـ18 ل15 قانونا تنحاز جميعها الى الآباء وتنهي صلاحية الأم بالحضانة، بموجب "سقف" لأعمار الأطفال: سنتان عند الطوائف الكاثوليكيّة، 14 سنة للذكر و15 سنة للأنثى عند الرّوم الأرثوذكس، 12 سنة للذكر والأنثى عند السُّنّة، وسنتان للذكر و7 سنوات للأنثى عند الطائفة الشيعية.
ولا شك أن قضية حرمان نساء من حضانة أطفالهن، وانتزاع القوى الأمنية الأطفال من أحضان أمهاتن بالقوة، وإصدار القرارات بسجن الأمهات، اللواتي رفضن التخلي عن أطفالهن.. كل هذه الأحداث توثّق بعضا من الظلم الذي تتعرّض له النساء من قبل المحاكم الروحية من جهة، والمحاكم العدلية فيما يتعلّق بالاشارة التي يعطيها المدّعي العام لتنفيذ الأحكام والطريقة المسيئة التي تتم فيها عملية التنفيذ
يصنّف لبنان بالمرتبة 65 من أصل 144 دولة بمؤشر عدم المساواة بين الجنسين على مستوى العالم. ورغم ارتفاع التمثيل النسائي في الدولة والمؤسسات والشركات، وبعيداً عن "الصورة" التي تظهر المرأة اللبنانية كوزيرة أو مديرة أو صاحبة شركة، وما يمثّله الموقع بالعالم العربي من سلطة ونفوذ، إلا أن المرأة اللبنانية لا تزال خاضعة لسلطة الرجل، بحكم القانون، الذي يترك للطوائف حرية اختيار الطريقة التي ستتم فيها معاملة "نساءها"، ومقدار الحقوق التي ستسمح للمرأة أن تحصل عليها، وتتعرّض للتهميش بالعديد من القرارات إلا إذا كانت مرجعيّتها روحية أو "ذكورية" نافذة!!
من هذا المنطلق، أصبح من الضروري، في الأمس قبل اليوم، إقرار قانون لبناني موحّد للأحوال الشخصية يضمن حق كل انسان كفرد في المجتمع، وبالتالي حق المرأة بإنسانيتها وحق أطفالها، وضمان العدل والمواطنة للمجتمع ككل.. قانون مدني للأحوال الشخصية قادر على إشراك المرأة بصنع ومشاركة القرار داخل العائلة. ولا يخرجها عن وصاية الرّجل بل يجعلها في موقع مساوٍ له، وبالتالي يدفعها أكثر باتجاه الشراكة بمختلف المواقع على صعيد المجتمع، وهذا لا يحتاج الى مطلب لأنه حق إنساني بالدرجة الأولى وحق إنساني بالدرجة الأولى وحق وطني وليس مؤقتا.
ضيوف الحلقة: المواطنة والأم ليال مزهر، المدرّب والناشط الحقوقي في مجال حقوق الإنسان المحامي رفيق زخريا، المعالجة النفسية يارا سنجب. #otvlebanon #otvnews #حقك_بإيدك

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *